- Par Jaouad Mabrouki
- Psychiatre, Psychanalyste
كل « عْكوزَة » مغربية تعتبر نفسها مختلفة عن جميع « العْكايْزْ«
ألاحظ دائماً مشاهد الحروب القائمة بين العْكوزة والعروسة وكل طرف يعتبر نفسه ضحية الطرف الآخر. فأرى العروسة تبكي وتشتكي « ماكَنْخْلّي ماكَنْكْبّْرْ بِها وْهِي هِكَتْنْكّْدْ عْلْيَّ وْتْحْرّْرْلي العيشة ». وبالمقابل أرى العْكوزة هي الأخرى تشتكي « بنت الحرام ماكَتْخْلّي ماكَدّيرْ لِيَّ » مؤكدة أنها عكوزة مثالية « أنا مَشي مْن دوكْ النوع دْيالْ العْكايْز، أنا داخلة سوق راسي ».
إذاً كيف لنا أن نحل هذا اللغز القائم في العلاقة بين العروسة والعكوزة، حيث كل طرف منهما يرى نفسه « إنساناً طيباً ومختلفاً عن الآخرين »؟ ومن نصدق، العروس التي تتهم العكوزة بِـ « الشيطانة الكبيرة » أم العكوزة التي تتهم العروسة بِـ « بنت الحرام على فْعايْلْها »؟
1- كلا الطرفين على حق
إن الإشكالية الحقيقية ليست هي البحث على من هي أقبح أو أطيب من الأخرى « هَدي الله يْعْمّْرْها دارْ وْ هَدي قْبيحة » لأن هذا البحث خاطئ من أساسه ويزيد في لهيب الحرب العائلية. الإنسان كائن ناقص بطبيعته ولا أحد يمكن اعتباره بشكل مطلق أفضل من الآخر. كما أن لكل انسان ايجابيات عديدة. ولهذا يمكن وصف كلا الطرفين بأنهما على حق وإنما هذا الوصف لا يجب أن يتطور إلى حكم قضائي على الآخر.
2- انعدام المُساءلة النفسية
في ثقافتنا المغربية يغيب النقد الذاتي بحيث أمام كل مشكلة لا يبحث الفرد عن قدر مساهمته فيها بل يبحث عن قدر مساهمة الآخر انطلاقا من مبدئ « أنا عاطْيها التِّقارْ وْ هِيَ طارْتْ عْلِيَّ بْحالْ العفريت ». ولهذا لا يدرك الفرد أخطاءه الشخصية بل يبرز و يعظم أخطاء الآخر.
3- الاحتكاك اليومي لا يسلم من النزاعات
أمر طبيعي ميلاد النزاع كلما تواجدت مجموعة من الناس للعيش في فضاء واحد مشترك لأنه ستقع احتكاكات كثيرة والتي ستولد بدورها شرارة النزاعات وهذا أمر لازم ومن طبيعة ديناميكية المجموعة. وهذا لا يعني أن هناك إنساناً طيب وإنساناً آخر شرير. إن ظروف العيش هي التي خلقت هذه الديناميكية.
4- المنافسة اللاشعورية حول « الإبن-العريس »
تعتبر العروس أن العريس هو مِلكها ويجب أن يفضلها على الجميع. وفي نفس الوقت تعتبر العكوزة أن ابنها العريس هو ملكها الاصلي وهي التي ضحت براحتها من أجله ليصبح رجلا وتأتي لها في الأخير « واحْدْ اللّْفْعَة وْ تاخْدو لِها« .
5- غياب ثقافة تحضير العروسين لاستقلاليتهما
في ثقافتنا لا تُحضر الأم أطفالها كيف يصبحون يوما مستقلين عنها وكيف يتعاملون مع أزواجهن أو زوجاتهم لتحقيق السعادة الأسرية. على عكس هذا، تكرس الأم التحسيس بالذنب لدى أبنائها « اِوا شْحالْ تْعْدّْبْتْ عْليكُمْ وْ ما بْقيتوا كَدِّوْها فِيّا مْلّي كْبْرْتو » مما يخلق منافسات بين أجيال من العْكوزات والعروسات لا يسلم منها بيت.
6- أبناؤنا ليسوا بِـ « رواتب شهرية »
في ثقافتنا يُعتبر الأبناء استثمارا للتقاعد و مصدر دخل مستقبلي ولهذا تعودت العديد من الأسر على كثرة الإنجاب لأن كثرة الأطفال تزيد من حظوظ نجاح استثمارهم. وكثيراً ما أسمع الأمهات ترددن هذه العبارة « هِبْدا يْخْدْمْ جاتْ طارْتْ بِهْ المْسْخوطَة« . بمعنى آخر، العروسة لم تترك الفرصة للعكوزة لتستغل راتب أو مدخول ابنها بعض الوقت قبل الزواج.